مـقـدمـــــة
تقع منطقة "تغيرت" جنوب شرق مدينة "تزنيت" وتمتد على مساحة 180كلم تقريبا، تحدها شمالا جماعة سيدي أحمد اموسى، وجنوبا افران الاطلس الصغير التابعة لإقليم كلميم، ومن الشرق تحدها جماعة بوطروش وابضر، أما غربا فتحدها سبت النابور وأيت الرخاء.
تتميز هذه المنطقة بمناخها الجاف (حار صيفا وبارد شتاء) وهي منطقة مرتفعة عن سطح البحر بعلو يقدر بحوالي 1000م ويغلب على تضاريسها الطابع الهضبي مع وجود بعض المناطق المنبسطة.
ان اختياري لموضوع "الواقع الثقافي لمنطقة تغيرت بين الماضي والحاضر" لم يكن وليد صدفة بل إنني فكرت فيه من ذي قبل، فتبين لي أن منطقة "تغيرت" لم تحض بنصيبها في البحوث الجامعية مع أنها غنية في جميع مجالاتها.
فندائي إلى كافة الطلبة المنحدرين من هذه المنطقة المزيد من البحث في سبيل التعريف بمنطقتهم.
ولإنجاز هذا العمل المتواضع، استعنت بالرواية الشفوية بالدرجة الأولى سواء من أفواه الرجال أو النساء، كما اعتمدت على آلة تصوير حيث التقطت بواسطتها صوراً لبعض الأكلات وأخرى للعرس، أما المراجع فقد استعنت بالبعض منها رغم قلتها نظراً لطبيعة هذا العمل الذي يمكن أن نسميه-إن شئنا- عملا ميدانيا.
وككل باحث مهتم غيور، فقد وجدت أمامي في جمع هذه المادة متاعب ومصاعب شتى لعل أهمها:
• ندرة المصادر والمراجع التي تهتم بالثقافة الشعبية الأمازيغية.
• ضيق الوقت.
• صعوبة نقل المثن الشفوي إلى الكتابي.
• إضافة إلى أنني حررت جل فصول هذا البحث في أجواء مغلفة بالوحدة، فلا جليس ساعدني على تكسير روتينية التحرير، سوى الموسيقى التي أتخذها متنفساً كلما شعرت بالملل أثناء الكتابة والتحرير.
لكن وبالرغم من هذا كله، فقد شعرت بالحيوية والنشاط وأنا أحرر هذا الموضوع، لاتصاله بعادات وتقاليد منطقتي، فأخوض فيه وكأنني أعيش هذه اللحظات واحدة تلوى الأخرى.
وقد قسمت هذا البحث إلى فصول ثلاثة؛ تطرقت في الأول إلى الطبخ والطب الشعبيين بمنطقة "تغيرت" وفي الفصل الثاني تحدثت عن العرس بالمنطقة خصوصياته ومميزاته، أما الفصل الثالث فقد قمت فيه بدراسة وتحرير الأمثال الشعبية الأمازيغية، ليعقبه ملحق يوضح تطور أسماء الرجال والنساء بالمنطقة، وبعده خاتمة الموضوع.
المحور الأول: الطـبخ الشـعبي بمنطـقـة تغيـــرت
تـمـهــيـــــــد
تتميز منطقة تغيــــرت بغنــاها علـى مستوى الطبخ الشعبي أو ما يتعلق بالأكلات الشعبية؛ فهناك أصناف من الأطعمة ظلت صامدة على مر الزمان، في حين نجد أكلات أخرى اندثرت بشكل كامل إلى درجة أن الإنسان أصبح يتخلى شيئاً فشيئاً عن الأواني التي كانت تستعمل في طهي هذه الأكلات، كما أن الملاحظ بخصوص هذه الأطباق أنها قسمين.
1- - أكلات أو أطباق يومية أي تلك التي يعتمد عليها الإنسان كواجبات أساسية طيلة أيام الأسبوع دون استثناء منها على سبيل المثال: الخبز، الكسكس، الطاجين وغيرها.
2- أكلات أو أطباق موسمية أي تلك التي تقترن بمناسبة من المناسبات كالأعياد أو الأعراس أو المواسم ومنها مثلا: الشرشيمة، العصيدة، الزميتة...